وقوله :﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ [ البينة : ٤ ]. قال طائفة من المفسرين : هو تفرقهم في محمد بعد أن كانوا مجتمعين على الإيمان به.
ثم من هؤلاء من جعل تفرقهم إيمان بعضهم وكفر بعض. قال البغوي : ثم ذكر من لم يؤمن من أهل الكتاب، فقال :﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾، أي : البيان في كتبهم أنه نبي مرسل. قال المفسرون : لم يزل أهل الكتاب مجتمعين في تصديق محمد حتى بعثه الله. فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا. فآمن به بعضهم وكفر به بعضهم.
وهكذا ذكر طائفة في قوله :﴿ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ ﴾ [ يونس : ٩٣ ]، قال أبو الفرج : قال ابن عباس : ما اختلفوا في أمر محمد، لم يزالوا به مصدقين حتى جاءهم العلم، يعني : القرآن. وروي عنه : حتى جاءهم العلم، يعني : محمدًا. فعلى هذا يكون العلم هنا عبارة عن المعلوم. وبيان هذا أنه لما جاءهم / اختلفوا في تصديقه، فكفر به أكثرهم -بغيًا وحسدًا- بعد أن كانوا مجتمعين على تصديقه ـ بغيًا وحسدًا.
ومنهم من جعل المتفرقين كلهم كفارًا. قال ابن عطية : ثم ذكر -تعالى- مذمة من لم يؤمن من أهل الكتاب من بني إسرائيل من أنهم لم يتفرقوا في أمر محمد إلا من بعد أن رأوا الآيات الواضحة، وكانوا من قبل متفقين على نبوته وصفته. فلما جاء من العرب حسدوه.


الصفحة التالية
Icon