وحينئذ، نقول : من قال : إن أهل الكتاب ما تفرقوا في محمد إلا من بعد ما بعث، إرادة إيمان بعضهم وكفر بعضهم ـ كما قاله طائفة ـ فالمذموم ـ هنا ـ من كَفَر، لا من آمن. فلا يذم كل المختلفين، ولكن يذم من كان يعرف أنه رسول، فلما جاء كفر به ـ حسدًا أو بغيًا ـ كما قال تعالى :﴿ وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [ البقرة : ٨٩ ].
وإن أريد بالتفرق فيه أنهم كلهم كفروا به، وتفرقت أقوالهم فيه، فليس الأمر كذلك. وقد بين القرآن في غير موضع أنهم تفرقوا واختلفوا قبل إرسال محمد ﷺ. فاختلاف هؤلاء وتفرقهم في محمد ﷺ هو من جملة ما تفرقوا واختلفوا فيه. والله أعلم.