وهذا في المعاني مثل الوجوه والنظائر في الألفاظ، فإن كل شيئين من الأعيان والأعراض وغير ذلك، إما أن يكون أحدهما مثل الآخر، أو لا يكون مثله فهي الأمثال، وجمعها هو التاليف، وإذا جاءت بلفظ واحد كانت نظائر، وإن لم يكن مثله، فهو خلافه سواء كان ضدًا أو لم يكن. وقد يقال : إما أن يجمعهما جنس أو لا، فإن لم يجمعهما جنس، فأحدهما بعيد عن الآخر، ولا مناسبة بينهما. وإن جمعهما جنس، فهي الأقسام، وجمعها هو التصنيف. ودلالة اللفظ الواحد على المعاني المختلفة تسمي الوجوه. والكلام الجامع هو : الذي يستوفي الأقسام المختلفة، والنظائر المتماثلة جمعًا بين المتماثلين، وفرقًا بين المختلفين. بحيث يبقي محيطًا، وإلا فذكر أحد القسمين أو المثْلَين لا يفيد التمام، ولا يكون الكلم محيطًا، ولا الكلم جوامع، وهو فعل غالب الناس في كلامهم.
والحقائق في نفسها : منها المختلف، ومنها المؤتلف، والمختلفان بينهما اتفاق من وجه، وافتراق من وجه. فإذا أحاط الكلام بالأقسام المختلفة، والأمثال المؤتلفة، كان جامعًا، وباعتبار هذه المعاني كانت ضروب القياس العقلي المنطقي ثلاثة : الحمليات والشرطيات المتصلة، والشرطيات المنفصلة.
فالأول : للحقائق المتماثلة الداخلة في القضية الجامعة.
والثاني : للمختلفات التي ليست متضادة، بل تتلازم تارة، ولا تتلازم أخري.
والثالث : للحقائق المتضادة المتنافية، إما وجودًا أو عدمًا، وهي النقيضان. وإما وجودًا فقط، وهو أعم من النقيضين، وإما عدمًا فقط، وهو أخص من النقيضين.
فالحمليات للمثلين، والأمثال. والشرطيات المنفصلة للمتضادين، والمتضادات. ويسمي التقسيم، والسَّبر، والترديد، والبياني. والمتصلة للخلافين غير المتضادين، ويسمي التلازم.