وفي قوله :﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [ الكوثر : ١، ٢ ]، إشارة إلى / أنك لا تتأسف على شيء من الدنيا، كما ذكر ذلك في آخر [ طه ] و [ الحجر ] وغيرهما، وفيها الإشارة إلى ترك الالتفات إلى الناس، وما ينالك منهم، بل صل لربك وانحر. وفيها التعريض بحال الأبتر الشانئ، الذي صلاته ونسكه لغير الله.
وفي قوله :﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾، أنواع من التأكيد : أحدها : تصدير الجملة بإن. الثاني : الإتيان بضمير الفصل الدال على قوة الإسناد والاختصاص. الثالث : مجيء الخبر على أفعل التفضيل، دون اسم المفعول. الرابع : تعريفه باللام الدالة على حصول هذا الموصوف له بتمامه، وأنه أحق به من غيره، ونظير هذا في التأكيد قوله :﴿ لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى ﴾ [ طه : ٦٨ ].
ومن فوائدها اللطيفة : الالتفات في قوله :﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ الدالة على أن ربك مستحق لذلك، وأنت جدير بأن تعبده، وتنحر له. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon