وفي الحديث دليل على أن أموة المؤمنين لأزواجه دون سراريه، / والقرآن ما يدل إلا على ذلك؛ لأنه قال :﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [ الأحزاب : ٦ ]، وقال :﴿ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ]، وهذا أيضا دليل ثالث من الآية؛ لأن الضمير في قوله :﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ﴾ [ الأحزاب : ٥٣ ]، عائد إلى أزواجه فليس للمملوكات ذكر في الخطاب، لكن إباحة سراريه من بعده فيه نظر
فصل
من قال : من أن السراح والفراق صريح في الطلاق؛ لأن القرآن ورد بذلك، وجعل الصريح ما استعمله القرآن فيه، كما يقوله الشافعى والقاضى وغيرهما من الأصحاب، فقوله ضعيف لوجهين :
أحدهما : أن هذا الأصل لا دليل عليه، بل هو فاسد؛ فإن الواقع أن الناس ينطقون بلغاتهم التي توافق لغة العرب أو تخالفها من عربية أخرى عربا مقررة أو مغيرة لفظا أو معنى، أو من عربية مُوَلَّدة، أو عربية مُعَرَّبة، تلقيت عن العجم، أو عن عجمية، فإن الطلاق ونحوه يثبت بجميع هذه الأنواع من اللغات، إذ المدار على المعنى ولم يحرم ذلك عليهم، أو حرم عليهم فلم يلتزموه، فإن ذلك لا يوجب وقوع ما لم يوقعوه. وأيضاً، فاستعمال القرآن لفظا في معنى / لا يقتضى أن ذلك اللفظ لا يحتمل غير ذلك المعنى.