ويؤيده قوله في الإيمان :﴿ لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٢٥ ]، ﴿ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ﴾ [ المائدة : ٨٩ ]، فإنه / إذا كان اليمين بالله ـ وفيها ما فيها ـ لا يؤاخذ فيها إلا بما كسب القلب، فغيرها من الأقوال كذلك وأولى، وإذا كان ما حلف عليه من اليمين يظنه كما حلف عليه، فتبين بخلافه هو من الخطأ الذي هو اللغو؛ لأن قلبه لم يكسب مخالفة، كما لو أنه أخبر بذلك من غير يمين لم يكن عليه إثم الكاذب، كما لو دعا الرجل لغير أبيه ومولاه خطأ، وإذا لم يكن بلا يمين عليه إثم الكاذب لم يكن مع اليمين عليه حكم الحالف المخالف؛ إذ اليمين على الماضى حين يؤكد بالقسم، فكذلك ما حلف عليه من المستقبل، وفعل المحلوف عليه ناسيًا ليمينه، أو مخطئًا جاهلا بأنه المحلوف عليه لم يكسب قلبه مخالفة ولا حنثا، كما أنه لو وعد بذلك من غير يمين لم يكن مخالفًا، ولو أمر به فتركه كذلك لم يكن عاصيا.
وهذا دليل يتناول الطلاق وغيره، إما من جهة العموم المعنوى أو المعنوى واللفظى، وأى فرق بين أن يقارن اللغو عقد اليمين، أو يقارن الحنث فيها، وقوله :﴿ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ ﴾، أى : هذا سبب المؤاخذة؛ لا أنه موجب لها بالاتفاق فيوجد الخطأ في سببها وشرطها، ومن قال : لا لغو في الطلاق فلا حجة معه؛ بل عليه لأنه لو سبق لسانه بذكر الطلاق من غير عمد القلب لم يقع به وفاقا، وأما إذا قصد اللفظ به هازلاً فقد عمد قلبه ذكره، كما لو عمد ذكر اليمين به.


الصفحة التالية
Icon