والجهمية والمعتزلة لم يقم عندهم بذات الله لا طلب ولا إرادة ولا محبة ولا رضا ولا غضب، ولا غير ذلك، مما يجعل مدلول الأصوات المخلوقة، ولا قام بذاته عندهم إيجاب وإلزام ولا تحريم وحظر، فلم يكن للكلام المخلوق في غيره معنى قائم بذاته يدل عليه ذلك المخلوق حتى يفرق بين ما خلقه في الجماد وما خلقه في الحيوان. وكان مقصود السلف ـ رضوان الله عليهم ـ أن الله هو المتكلم بالقرآن وسائر كلامه، وأنه منه نزل لم ينزل من غيره كما قال تعالى :﴿ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ [ الأنعام : ١١٤ ]، وقال تعالى :﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ [ النحل : ١٠٢ ]، لم يقل أحد من السلف : إن القرآن قديم، وإنما قالوا : هو كلام الله غير مخلوق، وقالوا : لم يزل الله متكلمًا إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء وكما شاء، ولا قال أحد منهم : إن الله في الأزل نادى موسى، ولا قال : إن الله لم يزل ولا يزال يقول :﴿ يا آدم ﴾، ﴿ يانوح ﴾، ﴿ يا موسى ﴾، ﴿ يا إبليس ﴾ ونحو ذلك مما أخبر أنه قال.


الصفحة التالية
Icon