وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول في دعاء الاستفتاح :( والخير بيديك والشر ليس إليك ). وسواء أريد به : أنه لا يضاف إليك ولا يتقرب به إليك، أو قيل : إن الشر إما عدم وإما من لوازم العدم، وكلاهما ليس إلى الله، فهذا يبين أنه سبحانه إنما يضاف إليه الخير، وأسماؤه تدل على صفاته، وذلك كله خير حسن جميل ليس فيه شر، وإنما وقع الشر في المخلوقات، قال تعالى :﴿ نَبِّئ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الاليمَ ﴾ [ الحجر : ٤٩، ٥٠ ]، وقال تعالى :﴿ اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ المائدة : ٩٨ ]، وقال تعالى :﴿ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ الأنعام : ١٦٥ ]، فجعل المغفرة والرحمة من معاني أسمائه الحسنى التي يسمى بها نفسه، فتكون المغفرة/والرحمة من صفاته، وأما العقاب الذي يتصل بالعباد فهو مخلوق له، وذلك هو الأليم، فلم يقل : وإني أنا المعذب، ولا في أسمائه الثابتة عن النبي ﷺ اسم المنتقم، وإنما جاء المنتقم في القرآن مقيدًا كقوله :﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ﴾ [ السجدة : ٢٢ ]، وجاء معناه مضافا إلى الله في قوله :﴿ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [ إبراهيم : ٤٧ ]، وهذه نكرة في سياق الإثبات، والنكرة في سياق الإثبات مطلقة ليس فيها عموم على سبيل الجمع.


الصفحة التالية
Icon