وهذا موضوع عظيم قد بسط في غير هذا الموضع، فإن الناس - في باب خلق الرب وأمره ولم فعل ذلك ؟ - على طرفين ووسط : فالقدرية من المعتزلة وغيرهم قصدوا تعظيم الرب وتنزيهه عما ظنوه قبيحًا من الأفعال وظلما؛ فأنكروا عموم قدرته ومشيئته، ولم يجعلوه خالقًا /لكل شيء، ولا أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، بل قالوا : يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء ! ثم إنهم وضعوا لربهم شريعة فيما يجب عليه ويحرم ـ بالقياس على أنفسهم ـ وتكلموا في التعديل والتجويز بهذا القياس الفاسد الذي شبهوا فيه الخالق بالمخلوق، فضلوا وأضلوا. وقابلهم الجهمية الغلاة في الجبر، فأنكروا حكمة الله ورحمته وقالوا : لم يخلق لحكمة، ولم يأمر بحكمة، وليس في القرآن [ لام كي ] لا في خلقه ولا في أمره.


الصفحة التالية
Icon