وأما القول الثالث وهو المراد به أن من عمل بما تضمنته، كان كمن قرأ ثلث القرآن ولميعمل بما تضمنته، فهذا أيضًا ضعيف، وما نفاه من المعادلة فهو مبني على قول من اعتبر في مقدار الأجر كثرة الحروف وهو قول باطل ـ كما قد بين في موضعه ـ وذلك أن العمل بها إن أراد/ به العمل الواجب من التصديق بمضمونها وتوحيد اللّه، فهذا أجره أعظم من أجر من قرأ القرآن جملة ولميعمل بذلك، فإنه إن خلا عن الإيمان بمضمون القرآن، فهو منافق، وإن خلا عما يجب عليه من العمل، فهو فاسق. ومعلوم أن هذا لو قرأ القرآن عشر مرات، لميكن أجره مثل أجر المؤمن المتقي. وأيضًا، فإن هذا الأجر على الإيمان بمضمونها سواء قرأها أو لم يقرأها، والأجر المذكور في الحديث هو لمن قرأها، فلابد أن يكون قد قرأها مع الإيمان بما تضمنته. وأيضًا، فالنبي ﷺ جعل قراءتها تعدل ثلث القرآن، وقرأها على أصحابه، وأخبرهم أنه قرأ عليهم ثلث القرآن، فكانت قراءته لها تعدل قراءته هو للثلث، وكذلك الرجل الذي جعل يرددها، وكذلك إخباره لهم بأنها تعدل ثلث القرآن، وإنمايراد به ثلثه إذا قرؤوه هم، لميرد به الثلث إذا قرأها منافق لايؤمن بمعنى ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾. ثم إن كون المراد بذلك من قرأ الثلث بلا إيمان بها معنى ليس في اللفظ مايدل عليه، وإنما يدل اللفظ على نقيضه، وهذا التأويل وأمثاله هو من تحريف الكلم عن مواضعه الذي ذم اللّه عليه من فعل ذلك من أهل الكتاب، وهو نوع من الإلحاد في كلام اللّه ورسوله.


الصفحة التالية
Icon