وقد ذكر القاضي عياض أقوالاً في كون ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ تعدل ثلث القرآن، وكذلك المازري قبله. قال : قال الإمام ـ يعني أبا عبد اللّه المازري ـ قيل معنى ذلك : أن القرآن على ثلاثة أنحاء : قصص وأحكام، وأوصاف للّه جلت قدرته و ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ تشتمل على ذكر الصفات، فكانت ثلثًا من هذه الجهة، قال : وربما أسعد هذا التأويل ظاهر الحديث الذي ذكر أن اللّه جَزَّأ القرآن. قلت : هذا هو قول ابن سُرَيج ـ وهو الذي نصرناه ـ ذكره المازري في كلام ابن بَطَّال كما سيأتي. قال : وقيل معنى ثلث القرآن : لشخص/ بعينه قصده رسول اللّه ﷺ. وذكره ابن بطال أيضًا، قال : وقيل معناه : أن اللّه يتفضل بتضعيف الثواب لقارئها ويكون منتهى التضعيف إلى مقدار ثلث مايستحق من الأجر على قراءة القرآن من دون تضعيف أجر. قال : وفي بعض روايات هذا الحديث أن رسول اللّه ﷺ حشد الناس، وقال :( سأقرأ عليكم ثلث القرآن ) فقرأ :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾. قال المازري : وهذه الرواية تقدح في تأويل من جعل ذلك لشخص بعينه.
قال القاضي عياض : قال بعضهم : قال اللّه تعالى :﴿ الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فصلتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [ هود : ١ ]، ثم بين التفصيل فقال :﴿ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ ﴾ [ هود : ٢ ]، فهذا فصل الألوهية، ثم قال :﴿ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ ﴾ [ هود : ٢ ]، وهذا فصل النبوة، ثم قال :﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ﴾ [ هود : ٣ ]، فهذا فصل التكليف، وما وراءه من الوعد والوعيد وعامة أجزاء القرآن مما فيه من القصص فمن فصل النبوة؛ لأنها من أدلتها وفهمها أيضًا، وهذا يدل على أن ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ جمعت الفصل الأول.