وإذ قد تبين ضعف هذه الأقوال ـ غير القول الأول الذي نصرناه وهو قول ابن سُرَيج وغيره كالمهلب والأصيلي وغيرهما ـ فنقول : قد علم أن تفاضل القرآن وغيره من كلام اللّه ليس باعتبار نسبته إلى المتكلم؛ فإنه ـ سبحانه ـ واحد، ولكن باعتبار معانيه التي يتكلم بها، وباعتبار ألفاظه المبينة لمعانيه. والذي قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه فَضَّل من السور سورة الفاتحة وقال :( إنه لم ينزل في/التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها ). والأحكام الشرعية تدل على ذلك، وقد بسط الكلام على معانيها في غير هذا الموضع. وفَضَّل من الآيات آية الكرسي، وقال في الحديث الصحيح لأبي بن كعب :( أتدري أي آية في كتاب اللّه معك أعظم ؟ ) قال :﴿ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ]، فضرب بيده في صدره وقال ( ليهنك العلم أبا المنذر )، وليس في القرآن آية واحدة تضمنت ما تضمنته آية الكرسي، وإنما ذكر اللّه في أول سورة الحديد وآخر سورة الحشر عدة آيات لا آية واحدة.