وإذا عرف ذلك، فقد يكون تسبيح بعض الناس أفضل من قراءة غيره، ويكون قراءة بعض السور من بعض الناس أفضل من قراءة غيره لـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ وغيرها. والإنسان الواحد يختلف ـ أيضًا ـ حاله، فقد يفعل العمل المفضول على وجه كامل، فيكون به أفضل من سائر أعماله الفاضلة. وقد غفر الله لبغي لسَقْيها الكلب، كما ثبت ذلك في الصحيحين، وهذا لِمَا حصل لها في ذلك العمل من الأعمال القلبية وغيرها. وقد ينفق الرجل أضعاف ذلك فلا يغفر له؛ لعدم الأسباب المزكية للعمل، فإن الله إنما يتقبل من المتقين. وقد قال النبي ﷺ /في الحديث الصحيح :( لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه ) يقوله عن أصحابه السابقين الأولين ـ رضي الله عنهم.
فإذا قيل : إن ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، يعدل ثوابها ثواب ثلث القرآن، فلابد من اعتبار التماثل في سائر الصفات، وإلا فإذا اعتبر قراءة غيرها مع التدبر والخشوع بقراءتها مع الغفلة والجهل، لم يكن الأمر كذلك، بل قد يكون قول العبد :( سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ) مع حضور القلب واتصافه بمعانيها أفضل من قراءة هذه السورة مع الجهل والغفلة، والناس متفاضلون في فهم هذه السورة، وما اشتملت عليه، كما أنهم متفاضلون في فهم سائر القرآن.