وكذلك من جعل نفس إرادته هي رحمته وهي غضبه يكون قوله ﷺ :( أعوذ برضاك من سخطك ) معناه يكون مستعيذًا عنده بنفس الإرادة من نفس الإرادة، وهذا ممتنع، فإنه ليس عنده للإرادة صفة ثبوتية يستعاذ بها من أحد الوجهين باعتبار ذلك الوجه منها باعتبار الوجه الآخر، بل الإرادة عنده لها مجرد تعلق بالمخلوقات والتعلق أمر عدمي. وهذا بخلاف الاستعاذة به منه؛ لأن له ـ سبحانه ـ صفات متنوعة فيستعاذ به باعتبار، ومنه باعتبار. ومن قال : إنه ذات لا صفة لها، أو موجود مطلق لا يتصف بصفة ثبوتية، فهذا يمتنع تحققه في الخارج، وإنما يمكن تقدير هذا في الذهن كما تقدر الممتنعات، فضلًا عن أن يكون ربًا خالقًا للمخلوقات، كما قد بسط في موضعه.


الصفحة التالية
Icon