وقال الأَصْمَعِي : اشتد ـ بالشين المعجمة ـ ليس بشيء، وتعبيرهم عن السد بالقصد يدلك على أن لفظ القصد فيه معني الجمع والقوة. والقصد : العدل كما أنه السداد والصواب، وهو المطابق الموافق الذي لا يزيد ولا ينقص، وهذا هو الجامع المطابق، ومنه قوله تعالى :﴿ وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾ [ النحل : ٩ ] أي : السبيل القصد، وهو السبيل العدل؛ أي : إليه تنتهي السبيل العادلة، كما قال تعالى :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾ [ الليل : ١٢ ]. أي : الهدي إلينا. /هذا أصح الأقوال في الآيتين، وكذلك قوله تعالى :﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ على مُسْتَقِيمٌ ﴾ [ الحجر : ٤١ ].
ومنه الاشتقاق الأوسط : الصدق، فإن حروفه حروف القصد، فمنه الصدق في الحديث لمطابقته مخبره، كما قيل في السداد. والصَّدق ـ بالفتح ـ الصلب من الرماح. ويقال : المستوي، فهو معتدل صلب ليس فيه خلل ولا عوج. والصندوق واحد الصناديق، فإنه يجمع ما يوضع فيه.
ومما ينبغي أن يعرف في باب الاشتقاق أنه إذا قيل : هذا مشتق من هذا، فله معنيان :
أحدهما : أن بين القولين تناسبا في اللفظ والمعني، سواء كان أهل اللغة تكلموا بهذا بعد هذا أو بهذا بعد هذا، وعلى هذا فكل من القولين مشتق من الآخر، فإن المقصود أنه مناسب له لفظًا ومعني، كما يقال : هذا الماء من هذا الماء، وهذا الكلام من هذا الكلام، وعلى هذا فإذا قيل : إن الفعل مشتق من المصدر، أو المصدر مشتق من الفعل، كان كلا القولين صحيحًا، وهذا هو الاشتقاق الذي يقوم عليه دليل التصريف.


الصفحة التالية
Icon