وقد ذكر المفسرون أن جبريل نفخ في جيب درعها. والجَيْبُ : هو الطوق الذي في العنق، ليس هو ما يسميه بعض العامة : جيبًا، وهو ما يكون في مقدم الثوب لوضع الدراهم ونحوها. وموسى لما أمره اللّه أن يدخل يده في جيبه، هو ذلك الجيب المعروف في اللغة. وذكر أبو الفرج وغيره قولين : هل كانت النفخة في جيب الدرع أو في الفرج ؟ فإن من قال بالأول قال : في فرج درعها، وإن من قال : هو مخرج الولد قال : الهاء كناية عن غير مذكور؛ لأنه إنما نفخ في درعها، لا في فرجها، وهذا ليس بشيء، بل هو عدول عن صريح القرآن. وهذا النقل إن كان ثابتًا لم يناقض القرآن، وإن لم يكن ثابتا لم يلتفت إليه؛ فإن من نقل أن جبريل نفخ في جيب الدرع، فمراده أنه ﷺ لم/ يكشف بدنها، وكذلك جبريل كان إذا أتي النبي ﷺ وعائشة متجردة لم ينظر إليها متجردة، فنفخ في جيب الدرع فوصلت النفخة إلى فرجها.
والمقصود إنما هو النفخ في الفرج، كما أخبر اللّه به في آيتين، وإلا فالنفخ في الثوب فقط من غير وصول النفخ إلى الفرج مخالف للقرآن، مع أنه لا تأثير له في حصول الولد، ولم يقل ذلك أحد من أئمة المسلمين، ولا نقله أحد عن عالم معروف من السلف.