قال بعض المفسرين :﴿ جُزْءًا ﴾ أي : نصيبًا وبعضًا. وقال بعضهم : جعلوا لله نصيبًا من الولد. وعن قتادة ومقاتل : عدلا. وكلا القولين صحيح؛ فإنهم يجعلون له ولدًا، والولد يشبه أباه؛ ولهذا قال :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ﴾ [ الزخرف : ١٧ ] أي : البنات، كما قال في الآية الأخرى :﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ﴾ [ النحل : ٥٨ ]، فقد جعلوها للرحمن مثلًا، وجعلوا له من عباده جزءًا، فإن الولد جزء من الوالد ـ كما تقدم ـ قال ﷺ :( إنما فاطمة بضعة مني ). وقوله :﴿ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [ الأنعام : ١٠٠ ]. قال الكلبي : نزلت في الزنادقة قالوا : إن الله وإبليس شريكان، فالله خالق النور والناس والدواب والأنعام، وإبليس خالق الظلمة والسباع والحيات والعقارب.
وأما قوله :﴿ وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ﴾ [ الصافات : ١٥٨ ]، فقيل : قولهم : الملائكة بنات الله، وسمي الملائكة جنًا؛ لاجتنانهم عن الأبصار، وهو قول مجاهد وقتادة. وقيل : قالوا لحي من الملائكة يقال لهم : الجن، / ومنهم إبليس وهم بنات الله. وقال الكلبي قالوا ـ لعنهم الله : بل تزوج من الجن فخرج بينهما الملائكة.
وقوله :﴿ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [ الأنعام : ١٠٠ ]، قال بعض المفسرين ـ كالثعلبي ـ : وهم كفار العرب قالوا : الملائكة والأصنام بنات الله. واليهود قالوا : عزير ابن الله. والنصارى قالوا : المسيح ابن الله.


الصفحة التالية
Icon