وقد ذكر طائفة من أهل الكلام أن قولهم بالعلة والمعلول من جنس قول غيرهم بالوالد والولد، وأرادوا بذلك أن يجعلوهم من جنسهم في الذم، وهذا تقصير عظيم، بل أولئك خير من هؤلاء، وهؤلاء إذا حققت ما يقوله من هو أقربهم إلى الإسلام ـ كابن رشد الحفيد ـ وجدت غايته أن يكون الرب شرطًا في وجود العالم لا فاعلًا له، وكذلك من سلك مسلكهم من المدعين للتحقيق من ملاحدة الصوفية ـ كابن عربي وابن سبعين ـ حقيقة قولهم : أن هذا العالم موجود واجب أزلى، ليس له صانع غير نفسه، وهم يقولون : الوجود واحد، وحقيقة قولهم : أنه ليس في الوجود خالق خلق موجودًا آخر، وكلامهم في المعاد والنبوات والتوحيد شر من كلام اليهود والنصارى وعباد الأصنام، فإن هؤلاء يجوزون عبادة كل صنم في العالم، لا يخصون بعض الأصنام بالعبادة.


الصفحة التالية
Icon