قال : وأما الحكم؛ فلأنه تستحب قراءتها في كل ركعة، ويكره الإخلال بها، ولولا أنها أشرف، لما اختصت بهذا المعنى، يدل عليه أن عند المنازعين ـ يعني أصحاب أبي حنيفة ـ أن من أخل بقراءتها، وجب عليه سجود السهو. فنقول : لا يخلو إما أن تكون ركنًا أو ليست بركن، فإن كانت ركنًا، وجب ألا تجبر بالسجود، وإن لم تكن ركنًا، وجب ألا يجب عليه سجود. قلت : يعني بذلك أن السجود لا يجب إلا بترك واجب في حال العمد، فإذا سها عنه، وجب له السجود، وما كان واجبًا، فإذا تعمد تركه، وجب أن تبطل صلاته، لأنه لم يفعل ما أمر به، بخلاف من سها عن بعض الواجبات، فإن هذا يمكن أن يجبر ما تركه بسجود السهو. ومذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة أن سجود السهو واجب؛ لأن من الواجبات عندهم ما إذا تركه سهوًا لم تبطل الصلاة، كما لا تبطل بالزيادة سهوًا باتفاق العلماء، ولو زاد عمدًا لبطلت الصلاة. لكن مالكًا وأحمد في المشهور عنهما يقولان :/ماكان واجبًا إذا تركه عمدًا، بطلت صلاته، وإذا تركه سهوًا؛ فمنه ما يبطل الصلاة، ومنه ما ينجبر بسجود السهو، فترك الركوع والسجود والقراءة يبطل الصلاة مطلقًا، وترك التشهد الأول عندهما يبطل الصلاة عمده، ويجب السجود لسهوه. وأما أبو حنيفة فيقول : الواجب الذي ليس بفرض ـ كالفاتحة ـ إذا تركه كان مسيئًا ولا يبطل الصلاة. والشافعي لا يفرق في الصلاة بين الركن والواجب، ولكن فرق بينهما في الحج هو وسائر الأئمة. والمقصود هنا ذكر بعض من قال : إن الفاتحة أشرف من غيرها. وقال أبو عمر ابن عبد البر : وأما قول النبي ﷺ لأُبَي :( هل تعلم سورة ما أنزل الله لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها ؟ ) فمعناه مثلها في جمعها لمعاني الخير؛ لأن فيها الثناء على الله ـ عز وجل ـ بما هو أهله، وما يستحقه من الحمد الذي هو له حقيقة لا لغيره؛ لأن كل نعمة وخير منه لا من سواه، فهو الخالق الرازق لا