فالأولى : طريقة الجهمية ـ من المعتزلة وغيرهم ـ ينفون الجسم حتى يتوهم المسلمون أن قصدهم التنزيه، ومقصودهم بذلك أن اللّه لا يرى في الآخرة، وأنه لم يتكلم بالقرآن ولا غيره، بل خلق كلامًا في غيره، وأنه ليس له علم يقوم به، ولا قدرة ولا حياة، ولا غير ذلك من الصفات. قال الإمام أحمد في خطبته في الرد على الجهمية والزنادقة :
الحمد للّه الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب اللّه الموتى، ويبصرون بنوره أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب اللّه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، / فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجتمعون على مخالفة الكتاب، يقولون على اللّه، وفي اللّه، وفي كتاب اللّه بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ باللّه من فتن المضلين.