فلا يجوز نفي ما أثبته الله ورسوله من الأسماء والصفات، ولا يجوز تمثيل ذلك بصفات المخلوقات، لاسيما ما لا نشاهده من المخلوقات، فإن ما ثبت لما لا نشاهده من المخلوقات من الأسماء والصفات ليس مماثلًا لما نشاهده منها، فكيف برب العالمين الذي هو أبعد عن مماثلة كل مخلوق من مماثلة مخلوق لمخلوق ؟ ! وكل مخلوق فهو أشبه بالمخلوق الذي لا يماثله من الخالق بالمخلوق، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
وهذا الذي نبهنا عليه مما يظهر به أن ما يذكره صاحب [ المحصل ] وأمثاله من تقسيم الموجودات على رأى المتفلسفة والمتكلمة كله تقسيم غير حاصر، وكل من الفريقين مقصر عن سلفه. أما المتكلمون فلم يسلكوا من التقسيم المسلك الذي دل عليه الكتاب والسنة، وكان عليه سلف الأمة، وكذلك هؤلاء المتفلسفة أتباع أرسطو لم يسلكوا مسلك الفلاسفة الأساطين المتقدمين، فإن أولئك كانوا يقولون بحدوث هذا العالم، وكانوا يقولون : إن فوق هذا العالم عالمًا آخر يصفونه ببعض ما وصف النبي ﷺ به الجنة، وكانوا يثبتون معاد الأبدان، كما يوجد هذا في كلام سقراط وتاليس وغيرهما من أساطين الفلاسفة، وقد ذكروا أن أول من قال منهم بقدم العالم أرسطو.


الصفحة التالية