وتارة يقولون : إنما عدل الرسول ﷺ عن بيان الحق؛ ليجتهدوا في معرفة الحق من غير تعريفه، ويجتهدوا في تأويل ألفاظه، فتعظم أجورهم على ذلك، وهو اجتهادهم في عقلياتهم وتأويلاتهم، ولا يقولون : إنه قصد به إفهام العامة الباطل، كما يقول أولئك المتفلسفة. وهذا قول أكثر المتكلمين النفاة من الجهمية والمعتزلة، ومن سلك مسلكهم حتى ابن عقيل وأمثاله، وأبو حامد، وابن رشد الحفيد وأمثالهما يوجد في كلامهم المعنى الأول. وأبو حامد إنما ذم التأويل في آخر عمره، وصنف [ إلجام العوام عن علم الكلام ] محافظة على هذا الأصل؛ لأنه رأي مصلحة الجمهور لا تقوم إلا بابقاء الظواهر على ما هي عليه، وإن كان هو يرى ما ذكره في كتبه [ المضنون بها ] أن النفي هو الثابت في نفس الأمر.