ومن قال : الاستواء له معان متعددة، فقد أجمل كلامه، فإنهم يقولون : استوى فقط، ولا يصلونه بحرف، وهذا له معنى. ويقولون : استوى على كذا وله معنى، واستوى إلى كذا وله معنى، واستوى مع كذا وله معنى، فتتنوع معانيه بحسب صلاته. وأما استوى على كذا فليس في القرآن ولغة العرب المعروفة إلا بمعنى واحد. قال تعالى :﴿ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ ﴾ [ الفتح : ٢٩ ]، وقال :﴿ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ﴾ [ هود : ٤٤ ]، وقال :﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ ﴾ [ الزخرف : ١٣ ]، وقال :﴿ فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ ﴾ [ المؤمنون : ٢٨ ]، وقد أتى النبي ﷺ بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الغرز قال :( بسم الله )، فلما استوى على ظهرها قال :( الحمد لله ). وقال ابن عمر : أَهَلَّ رسول الله ﷺ بالحج لما استوى على بعيره. وهذا المعنى يتضمن شيئين : علوه على ما استوى عليه، واعتداله أيضًا. فلا يسمون المائل على الشيء مستويًا عليه، ومنه حديث الخليل بن أحمد لما قال : استووا. وقوله :
ثم استوى بِشْرٌ على العراق ** من غير سيف ودم مهراق


الصفحة التالية
Icon