والسابع : أنه ما احتمل وجوها، كما نقل عن الشافعى، وأحمد. وقد روي عن أبى الدرداء ـ رضي اللّه عنه ـ أنه قال : إنك لا تفقه كل / الفقه حتى ترى القرآن وجوها. وقد صنف الناس كتب الوجوه والنظائر، فالنظائر : اللفظ الذي اتفق معناه في الموضعين وأكثر. والوجوه : الذي اختلف معناه، كما يقال : الأسماء المتواطئة والمشتركة، وإن كان بينهما فرق، ولبسطه موضع آخر.
وقد قيل : هي نظائر في اللفظ ومعانيها مختلفة، فتكون كالمشتركة، وليس كذلك، بل الصواب أن المراد بالوجوه والنظائر هو الأول، وقد تكلم المسلمون سلفهم وخلفهم في معاني الوجوه، وفيما يحتاج إلى بيان وما يحتمل وجوهًا، فعلم يقينًا أن المسلمين متفقون على أن جميع القرآن مما يمكن العلماء معرفة معانيه وعلم أن من قال : إن من القرآن ما لا يفهم أحد معناه، ولا يعرف معناه إلا اللّه، فإنه مخالف لإجماع الأمة مع مخالفته للكتاب والسنة.
والثامن : أن المتشابه هو القصص والأمثال وهذا ـ أيضًا ـ يعرف معناه.
والتاسع : أنه ما يؤمن به ولا يعمل به، وهذ ـ أيضًا ـ مما يعرف معناه.
والعاشر : قول بعض المتأخرين : إن المتشابه آيات الصفات، وأحاديث الصفات، وهذا ـ أيضًا ـ مما يعلم معناه، فإن أكثر آيات الصفات اتفق / المسلمون على أنه يعرف معناها. والبعض الذي تنازع الناس في معناه إنما ذم السلف منه تأويلات الجهمية، ونفوا علم الناس بكيفيته، كقول مالك : الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. وكذلك قال سائر أئمة السنة. وحينئذ ففرق بين المعنى المعلوم، وبين الكيف المجهول، فإن سُمى الكيف تأويلا ساغ أن يقال : هذا التأويل لا يعلمه إلا اللّه، كما قدمناه أولا.


الصفحة التالية
Icon