وقد قال تعالى :﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [ النساء : ٥٩ ]، وأول النزاع النزاعُ في معاني القرآن، فإن لم يكن الرسول عالمًا بمعانيه/امتنع الرد إليه. وقد اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين أن السنة تفسر القرآن وتبينه، وتدل عليه وتعبر عن مجمله، وأنها تفسر مجمل القرآن من الأمر والخبر، وقال تعالى :﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ﴾ إلى قوله :﴿ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ﴾ [ البقرة : ٢١٣ ].
ومن أعظم الاختلاف الاختلاف في المسائل العلمية الخبرية المتعلقة بالإيمان بالله واليوم الآخر، فلابد أن يكون الكتاب حاكمًا بين الناس فيما اختلفوا فيه من ذلك، ويمتنع أن يكون حاكما إن لم يكن معرفة معناه ممكنًا، وقد نصب الله عليه دليلًا، وإلا فالحاكم الذي يبين ما في نفسه لا يحكم بشيء، وكذلك إذا قيل : هو الحاكم بالكتاب، فإن حكمه فصل يفصل به بين الحق والباطل، وهذا إنما يكون بالبيان، وقد قال تعالى في القرآن :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فصل ﴾ [ الطارق : ١٣ ] أى : فاصل يفصل بين الحق والباطل، فكيف يكون فصلاً إذا لم يكن إلى معرفة معناه سبيل ؟


الصفحة التالية
Icon