وشر منه نفاة الأسماء والصفات، وهم الملاحدة من الفلاسفة والقرامطة؛ ولهذا كان هؤلاء عند الأئمة قاطبة ملاحدة منافقين، بل فيهم من الكفر الباطن ما هو أعظم من كفر اليهود والنصارى، وهؤلاء لا ريب أنهم ليسوا من الثنتين وسبعين فرقة، وإذا أظهروا الإسلام فغايتهم أن يكونوا منافقين، كالمنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولئك كانوا أقرب إلى الإسلام من هؤلاء، فإنهم كانوا يلتزمون بشرائع الإسلام الظاهرة، وهؤلاء قد/ يقولون برفعها، فلا صوم ولا صلاة ولا حج ولا زكاة، لكن قد يقال : إن أولئك كانوا قد قامت عليهم الحجة بالرسالة أكثر من هؤلاء.
وأما من يقول ببعض التجهم ـ كالمعتزلة ونحوهم الذين يتدينون بدين الإسلام باطنًا وظاهرًا ـ فهؤلاء من أمة محمد ﷺ بلا ريب.
وكذلك من هو خير منهم كالكُلاَّبِية والكَرَّامِيَّة.
وكذلك الشيعة المفضلين لعلي، ومن كان منهم يقول بالنص والعصمة مع اعتقاده نبوة محمد ﷺ باطنًا وظاهرًا، وظنه أن ما هو عليه هو دين الإسلام، فهؤلاء أهل ضلال وجهل ليسوا خارجين عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل هم من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا.
وعامة هؤلاء ممن يتبع ما تشابه من القرآن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، كما أن من المنافقين والكفار من يفعل ذلك؛ ولهذا قال طائفة من المفسرين ـ كالربيع بن أنس : هم النصارى، كنصاري نجران. وقالت طائفة ـ كالكلبي : هم اليهود. وقالت طائفة ـ كابن جريج : هم المنافقون. وقالت طائفة ـ كالحسن : هم الخوارج. وقالت طائفة ـ كقتادة : هم الخوارج والشيعة. وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية :﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾ [ آل عمران : ٧ ]، يقول : إن لم يكونوا الحرورية والسبائية فلا أدري من هم. والسبائية نسبة إلى عبد الله بن سبأ رأس الرافضة.