وقد قال غير واحد من السلف : إن هذه أسماء قوم صالحين كانوا فيهم، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم بعد ذلك/عبدوهم، وذلك أول ما عبدت الأصنام، وأن هذه الأصنام صارت إلى العرب. وقد ذكر ذلك البخاري في صحيحه عن ابن عباس، قال : صارت الأوثان التي في قوم نوح في العرب بعد : أما وَدٌّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سُواع فكانت لهذيل، وأما يغوثُ فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت.
ونوح ـ عليه السلام ـ أقام في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى التوحيد، وهو أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، كما ثبت ذلك في الصحيح. ومحمد ﷺ خاتم الرسل، وكلا المرسلين بعث إلى مشركين يعبدون هذه الأصنام التي صورت على صور الصالحين من البشر، والمقصود بعبادتها عبادة أولئك الصالحين.


الصفحة التالية
Icon