والمقصود هنا ذكر متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أنه يعتبر فيه متابعته في قصده، فإذا قصد مكانًا للعبادة فيه كان قصده لتلك/ العبادة سنة، وأما إذا صلى فيه اتفاقا من غير قصد لم يكن قصده للعبادة سنة؛ ولهذا لم يكن جمهور الصحابة يقصدون مشابهته في ذلك، وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مع أنه كان يحب مشابهته في ظاهر الفعل لم يكن يقصد الصلاة إلا في الموضع الذي صلى فيه لا في كل موضع نزل به، ولهذا رخص أحمد بن حنبل في ذلك إذا كان شيئًا يسيرًا، كما فعله ابن عمر، ونهي عنه ـ رضي الله عنه ـ إذا كثر لأنه يفضي إلى المفسدة، وهي اتخاذ آثار الأنبياء مساجد وهي التي تسمى المشاهد، وما أحدث في الإسلام من المساجد والمشاهد على القبور والآثار فهو من البدع المحدثة في الإسلام، من فِعْل من لم يعرف شريعة الإسلام، وما بعث الله به محمدًا ﷺ من كمال التوحيد وإخلاص الدين لله وسد أبواب الشرك التي يفتحها الشيطان لبنى آدم؛ ولهذا يوجد من كان أبعد عن التوحيد وإخلاص الدين لله ومعرفة دين الإسلام هم أكثر تعظيما لمواضع الشرك، فالعارفون بسنة رسول الله ﷺ وحديثه أولى بالتوحيد وإخلاص الدين لله، وأهل الجهل بذلك أقرب إلى الشرك والبدع.