وأما نفس بناء المساجد، فيجوز أن يبنيها البر والفاجر، والمسلم والكافر، وذلك يسمى بناء كما قال النبي ﷺ :( من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة )، فبين اللهـ تعالى ـ أن المشركين ما كان لهم عمارة مساجد الله مع شهادتهم على أنفسهم بالكفر، وبين إنما يعمرها من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله، وهذه صفة أهل التوحيد وإخلاص الدين لله، الذين لا يخشون إلا الله، ولا يرجون سواه، ولا يستعينون إلا به، ولا يدعون إلا إياه، وعمار المشاهد يخافون غير الله، ويرجون غيره، ويدعون غيره، وهو ـ سبحانه ـ لم يقل : إنما يعمر مشاهد الله، فإن المشاهد ليست بيوت الله، إنما هي بيوت الشرك؛ ولهذا ليس في القرآن آية فيها مدح المشاهد، ولا عن النبي ﷺ في/ذلك حديث، وإنما ذكره الله عمن كان قبلنا أنهم بنوا مسجدًا على قبر أهل الكهف، وهؤلاء من الذين نهانا الله أن نتشبه بهم حيث قال ﷺ في الحديث الصحيح :( إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإنى أنهاكم عن ذلك ).


الصفحة التالية
Icon