وفي حديث أبي ذر عن رسول اللّه ﷺ :( نعوذ باللّه من شياطين الإنس والجن ) قلت : أو للإنس شياطين ؟ قال :( نعم، شر من شياطين الجن ).
وأيضًا، فالنفس لها وسوسة كما قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾ [ ق : ١٦ ]، فهذا توسوس به نفسه لنفسه، كما يقال : حديث النفس. قال النبي ﷺ :( إن اللّه تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به ) أخرجاه في الصحيحين.
فالذي يوسوس في صدور الناس نفسه، وشياطين الجن، وشياطين الإنس.
والوسواس الخناس يتناول وسوسة الجنة، ووسوسة الإنس، وإلا/أي معنى للاستعاذة من وسوسة الجن فقط، مع أن وسوسة نفسه وشياطين الإنس هي مما تضره، وقد تكون أضر عليه من وسوسة الجن ؟
وأما قول الفراء : إن المراد من شر الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس : الطائفتين من الجن والإنس، وأنه سمى الجن ناسًا، كما سماهم رجالًا، وسماهم نفرًا ـ فهذا ضعيف؛ فإن لفظ الناس أشهر وأظهر وأعرف من أن يحتاج إلى تنويعه إلى الجن والإنس، وقد ذكر اللّه ـ تعالى ـ لفظ الناس في غير موضع.


الصفحة التالية
Icon