هو الماء كان إرادته أكثر كقوله :﴿ وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ ﴾ [ الأنعام : ٦ ]، وقوله :﴿ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾ [ الكهف : ٣٣ ]، فهذا كثير. أكثر من قولهم : حفرنا النهر.
وكذلك إطلاق لفظ القرآن على نفس الكلام أكثر من إطلاقه على نفس التكلم، وكذلك لفظ الكلام والقول والقصص وسائر أنواع/الكلام يراد بها نفس الكلام أكثر مما يراد بها فعل المتكلم، وهذه الأمور لبسطها موضع آخر.
والمقصود هنا أن قوله تعالى :﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ [ يوسف : ٣ ]، المراد : الكلام الذي هو أحسن القصص، وهو عام في كل ما قصه اللّه، لم يخص به سورة يوسف؛ ولهذا قال :﴿ بِمَا أَوْحَيْنَا إليكَ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾ [ يوسف : ٣ ]، ولم يقل : بما أوحينا إليك هذه السورة، والآثار المأثورة في ذلك عن السلف تدل كلها على ذلك، وعلى أنهم كانوا يعتقدون أن القرآن أفضل من سائر الكتب، وهو المراد. والمراد من هذا حاصل على كل تقدير، فسواء كان أحسن القصص مصدرًا أو مفعولاً أو جامعًا للأمرين، فهو يدل على أن القرآن وما في القرآن من القصص أحسن من غيره، فإنا قد ذكرنا أنهما متلازمان، فأيهما كان أحسن، كان الآخر أحسن. فتبين أن قوله تعالى :﴿ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ كقوله :﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ﴾ [ الزمر : ٢٣ ]، والآثار السلفية تدل على ذلك.