وأيضًا، فعلى ما قالوه لا يكون شيء خيرًا من شيء، بل إن كان خيرًا من جهة السهولة، فذلك خير من جهة كثرة الأجر. قال ابن عقيل : وأما قولهم : إن القرآن في نفسه لا يتخاير ولا يتفاضل، فعلم أنه لم يرد به الخير الذي هو الأفضلية، فليس كذلك، فإن توحيد اللّه الذي في [ سورة الإخلاص ]، وما ضمنها من نفي التجزي والانقسام، أفضل من [ تبت ] المتضمنة ذم أبي لهب وذم زوجته، إن شئت في كون المدح أفضل من القدح، وإن شئت في الإعجاز، فإن تلاوة غيرها من الآيات التي تظهر منها الفصاحة والبيان أفضل، وليس من حيث كان المتكلم واحدًا لا يكون التفاضل لمعنى يعود إلى الكلام ثانيًا، كما أن المرسل واحد لذي النون وإبراهيم، وإبراهيم أفضل من ذي النون. قال : وأما قولهم :﴿ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا ﴾ [ البقرة : ١٠٦ ] لا يكون ناسخا بل مبتدأ، فلا يصح؛ لأنه خرج مخرج الجزاء مجزوما، وهذا يعطي البدلية والمقابلة، مثل قولهم : إن تكرمني أكرمك، وإن أطعتني أطعتك، يقتضي أن يكون الجزاء مقابلة وبدلًا، لا فعلا مبتدأ.


الصفحة التالية
Icon