قلت : وسنذكر ـ إن شاء اللّه ـ ما ذكره في تفضيل ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ وممن ذكر كلام الناس في ذلك وحكي هذا القول عمن حكاه من السلف القاضي عياض في [ شرح مسلم ]، قال في قول النبي ﷺ لأُبي :( أتدري أي آية من كتاب اللّه أعظم ؟ ) وذكر آية الكرسي. فيه حجة لتفضيل بعض القرآن على بعض، /وتفضيل القرآن على سائر كتب اللّه عند من اختاره، منهم إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين. قال : وذلك راجع إلى عظم أجر قارئي ذلك وجزيل ثوابه على بعضه أكثر من سائره. قال : وهذا مما اختلف أهل العلم فيه، فأبي ذلك الأشعري وابن البَاقِلاني وجماعة من الفقهاء وأهل العلم؛ لأن مقتضي الأفضل نقص المفضول عنه، وكلام اللّه لا يتبعض. قالوا : وما ورد من ذلك بقوله :[ أفضل ] و [ أعظم ] لبعض الآي والسور، فمعناه : عظيم وفاضل. قال : وقيل : كانت آية الكرسي أعظم؛ لأنها جمعت أصول الأسماء والصفات من الإلهية والحياة والوحدانية والعلم والملك والقدرة والإرادة، وهذه السبعة قالوا : هي أصول الأسماء والصفات.
قلت : المقصود ما ذكره من كلام العلماء، وأما قول القائل : إن هذه السبعة هي أصول الأسماء، فهذه السبعة عند كثير من المتكلمين هي المعروفة بالعقل، وما سواها قالوا : إنما يعلم بالسمع. وهذا أمر يرجع إلى طريق علمنا لا إلى أمر حقيقي ثابت لها في نفس الأمر، فكيف والجمهور على أن ما سواها قد يعلم بالعقل ـ أيضًا ـ كالمحبة والرضا والأمر والنهي؛ ومذهب ابن كُلاَّب وأكثر قدماء الصفاتية أن العلو من الصفات العقلية، وهو مذهب أبي العباس القَلانِسي والحارث المحاسبي ومذهب طوائف من أهل الكلام والحديث والفقه، وهو آخر قولي القاضي أبي/يعلى وأبي الحسن بن الزَّاغُوني وغيره، ومذهب ابن كرام وأصحابه، وهو قول عامة أئمة الحديث والفقه والتصوف.


الصفحة التالية
Icon