وكذلك من قال : إنه معنى واحد، وأن القرآن العربي لم يتكلم الله به، بل هو مخلوق خلقه الله في الهواء أو أحدثه جبريل أو محمد، فهذا / أولى بأن يكون داخلًا فيمن عضه القرآن، ورماه بالإفك، وجعل القرآن العربي كلام مخلوق ـ إما بشر وإما ملك وإما غيرهماـ فمن جعل القرآن كله كلام الله ليس بمخلوق ولا هو من إحداث مخلوق لا جبريل ولا محمد ولا شيء منه، بل جبريل رسول ملك، ومحمد رسول بشر، والله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، فاصطفى لكلامه الرسول الملكي، فنزل به على الرسول البشري الذي اصطفاه، وقد أضافه إلى كل من الرسولين؛ لأنه بلغه وأداه، لا لأنه أنشأه وابتداه، قال تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [ التكوير : ١٩ : ٢١ ]، فهذا نعت جبريل الذي قال فيه :﴿ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [ البقرة : ٩٧ ]، وقال :﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴾ [ الشعراء ١٩٣ : ١٩٥ ]، وقال :﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ [ النحل ١٠١ : ١٠٢ ]، وقال في الآية الأخرى :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ علينَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِاليمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [ الحاقة ٤٠ : ٤٧ ]، فهذه صفة محمد ﷺ.