لا إله سواه ولكن ترك ِإلهه(٤٢) الحق واتخذ إلهًا غيره.
ووسط صفة الملك بين الربوبية والإلهية؛ لأن الملك هو المتصرف بقوله وأمره المطاع إذا أمر فملكه لهم تابع لخلقه إياهم، فملكهم من كمال ربوبيته وكونه إلههم الحق من كمال ملكه فربوبيته تستلزم ملكه، وملكه يستلزم إلهيته فهو الرب الملك الإله خلقهم بالربوبية وقهرهم بالملك واستعبدهم بالإله٨ية، فتأمل هذه الجلالة وهذه العظمة التي تضمنتها هذه الألفاظ الثلاث على أبدع نظام، وأحسن سياق رب الناس ملك الناس، إله الناس وقد اشتملت هذه الإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان، وتضمنت معنى جميع أسمائه الحسنى (٤٣)، أما تضمنها لمعاني أسمائه الحسنى فإن الرب هو القادر الخالق البارئ المصور الحي القيوم العليم السميع البصير المحسن المنعم الجواد المعطي (٤٤) النافع الضار المقدم (٤٥) المؤخر يهدي ويضل ويُسعد ويشقي ويعز ويذل إلى غير ذلك من معاني الربوبية، وأما الملك فهو الآمر الناهي المعز المذل الذي يصرف أمر عباده، كما يجب ويقلبهم كما يشاء فهو العزيز الجبار المتكبر الحافظ الرافع المعز المذل العظيم الجليل الوالي المتعالي الملك المقسط الجامع إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى الملك، وأما الإله فهو الجامع لصفات الكمال ونعوت الجلال فيدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى ولهذا كان القول الصحيح:
إن الله أصله الإله (٤٦)، وأن اسم الله تعالى هو الجامع لجمع معاني الأسماء الحسنى والصفات العليا، وأسرار كلام الله تعالى أجل وأعظم من أن تدركها عقول البشر، وإنما غاية أولى العلم الاستدلال بما يظهر منها على ما وراه.