ثم إن الشيخ في البصرة استمر على ما كان عليه من النصح والإرشاد، وبيان التوحيد الخالص، والتحذير مما يشو به من بدع وشركيات، مما لم يرق لأهل المصالح من علماء السوء وأعداء التوحيد الذين وشوا به عند ملأ البصرة وأعيانها فآذوه أشد الأذى وأخرجوه في وقت الهاجرة١.
قال ابن بشر: فلما خرج وتوسط في الدرب فيما بينها وبين بلد "الزبير" أدركه العطش، وأشرف على الهلاك، وكان ماشياً على رجليه وحده، فوافاه صاحب حمار مكارى يقال له أبو حميدان فسقاه وحمله على حماره حتى وصل "الزبير" ٢.
ويذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن أن الشيخ خرج من البصرة إلى نجد قاصداً الحج فحج "رحمه الله"، فلما قضى حجه وقف في الملتزم وسأل الله أن يظهر هذا الدين بدعوته وأن يرزقه القبول من الناس، فخرج قاصداً المدينة مع الحجاج يريد الشام فعرض له بعض سراق الحجيج فضربوه وسلبوه، وأخذوا ما معه، وشجوا رأسه وعاقه ذلك عن مسيره مع الحجاج، فقدم المدينة بعد أن خرج الحاج منها ثم رجع منها إلى نجد٣.
وعندما تيمم نجدا قصد بلدة حريملاء إذ كان أبوه قد انتقل إليها، فاستقر معه فيها بما حمله من علم سني جم من جراء تنقله خلال رحلاته العلمية، بين كثير من مراكز العلم في زمنه كالمدينة والبصرة والأحساء وغيرها.
وقبل هذه المرحلة وأثناءها أخذ الشيخ عن مشائخ فضلاء وعلماء أجلاء في نجد والمدينة والبصرة والأحساء، وحصل على إجازات منهم، وكتب كثيراً من كتب السنة وكتب ابن تيمية وابن القيم، وكان ينكر ما يراه مخالفاً للإسلام إنكاراً لفت الأنظار إليه، وجعله مستهدفاً بالأذى والإخراج
٢ عنوان المجد: "١: ٨" باختصار بسيط.
٣ الدرر السنية "٩: ٢١٥، ٢١٦" باختصار. وانظر "عقيدة الشيخ للدكتور العبود ص "٨٤"".