وفيها: أن الوالد يعدل بين الأولاد لئلا "يوقع"١ بينهم القطيعة، وأن ذلك ليس مختصاً بالمال٢.

= ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾.
وأما شهادة "أن محمداً رسول الله" فمن إخباره ﷺ بهذه القصة مطابقة للواقع والصحيح في الكتب السابقة مع أنه ﷺ كما قال الله فيه: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ فدل على أن ذلك من لدن حكيم خبير، وأنه رسوله ولهذا قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾.
وقد استنبط الشيخ منها: تنبيه الله على آية الرسالة بأن هذه القضية غيب لا يتوصل إليه الرسول إلا بالوحي لكونه لا يقرأ ولا يخط ولا أخذ عن عالم.
انظر ما يأتي ص "٣٩١"
والمطبوعة ص "١٤٦، ١٤٧، ١٧٧".
١ في "س": يقع وفي المطبوعة: تقع.
٢ المعنى الذي أشار إليه الشيخ صحيح من حيث هو، ولعل وجه استنباطه أن فعل الإخوة ناتج من توهمهم تفضيل أبيهم يوسف وأخاه عليهم، مع أنه لم يقع، فدل على أن وقوع التفضيل حقيقة مدعاة لحدوث القطيعة.
وليس في الآيات- فيما يظهر لي- ما يدل على أن يعقوب "عليه السلام" لم يعدل بين أولاده.
وأما محبة الأب لأصغر أبنائه، ومزيد العناية بهم، فأمر طبيعي، مركوز في الفطر وهم محتاجون لها.
وعلاوة على ذلك فإن مزيد محبة يعقوب ليوسف هي لما توقع له من النبوة، وخصوصاً بعد رؤياه، ولكن لم يكن ذلك على حساب إخوته أبداً، وإن توهموه.
والميل القلبي مما لا يؤخذ الله به إذا لم يكن له أثر في الخارج.
"والله أعلم"


الصفحة التالية
Icon