ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلق رسول الله "صلى الله عليه وسلم" "كان خلقه القرآن"١ فما تحلى به "صلى الله عليه وسلم" من كمال العبودية لله تعالى، وكريم الشمائل هو من قبيل تفسير القرآن بالسنة، فتحليله لما أحل القرآن، وتحريمه لما حرم، والتزامه بشرائعه وآدابه، في جميع شؤونه، كل ذلك هو ما قصدته عائشة "رضي الله عنها". فهو داخل ضمن التفسير.
٢- أن تفسير القرآن الكريم على أربعة أوجه، كما ذكر ذلك ابن عباس بقوله "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلاهما، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى٢.
فمعلوم أن القسم الأول مجرد تبليغ لفظه كاف عن تفسيره، وذلك لظهور معناه، وبخاصة لدى الصدر الأول، أهل العربية والفصاحة، فإن تفسير الواضح قد يعميه، فمثل هذا لا يحتاج إلى أن يبين الرسول ﷺ معناه.
وكذا ما لا يعذر أحد بجهالته، لظهور معناه أيضاً.
ولهذا كان الشيخ الإمام رحمه الله يشنع على الذين يقولون بأن القرآن لا يفهم معناه، وأنهم لا يستطيعون أن يستفيدوا منه مباشرة بل يأخذون من أقوال متبوعيهم دون النظر إلى نصوص الكتاب٣.
وأما ما استأثر الله بعلمه، كوقت قيام الساعة، وحقيقة الروح، ونحو ذلك، فهذا لم يطلع الله عليه نبيه "صلى الله عليه وسلم"، فمعلوم أنه غير مراد بالبيان، ولكن الغرض من ذكر ذلك في القرآن قد حصل وهو الابتلاء والامتحان،
٢ أخرجه الطبري في تفسيره "١: ٧٥" بتحقيق: أحمد شاكر.
٣ انظر ما يأتي ص "٩٣-٩٥".