الأول: من ذلك العمل الصالح الذي يفعل كثير من الناس ابتغاء وجه الله من صدقه وصلاة وإحسان إلى الناس ونحو ذلك، وكذلك شرك ظلم أو كلام في عرض ونحو ذلك مما يفعله الإنسان أو يتركه خالصاً لله لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، إنما يريدان يجازيه الله بحفظ ماله، وتنميته، وحفظ أهله وعياله، وإدامة النعمة عليهم، ونحو ذلك، ولا همة له في طلب الجنة ولا الهروب من النار فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا وليس له في الآخرة نصيب.
وهذا النوع ذكر عن ابن عباس في تفسير الآية١.
الثاني: وهو أكبر من الأول وأخوف وهو الذي ذكر مجاهد أن الآية نزلت فيه وهو أن يعمل أعمالاً صالحة ونيته رئاء الناس لا طلب ثواب الآخرة وهو يظهر أنه أراد وجه الله وإنما صلى أو صام أو تصدق أو طلب العلم لأجل أن الناس يمدحونه ويجل في أعينهم"فإن الجاه من أعظم أنواع الدنيا ولما ذكر معاوية حديث أبى هريرة في الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار وهم: الذي تعلم ليقال عالم حتى قيل، وتصدق ليقال جواد، وجاهد ليقال شجاع بكى معاوية بكاء شديداً ثم قرأ هذه الآية٢.
الثالث: أن يعمل الأعمال الصالحة ومقصده بها مالاً، مثل أن يحج لمال يأخذه لا لله، أو يهاجر لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، أو يجاهد لأجل المغنم، فقد ذكر هذا النوع أيضاً في تفسير هذه الآية كما في الصحيح أن النبي ﷺ قال: "تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة" ٣.. إلخ.
٢ انظر الجامع الصحيح للترمذي/ كتاب الزهد/ باب ما جاء في الرياء والسمعة "٤: ٥٩١" ح "٢٣٨٢" وتفسير الطبري "١٢: ١٣".
٣ أخرجه البخاري في صحيحه في مواضع منها/ كتاب الجهاد/ باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، انظر الفتح "٦: ٩٥" ح "٢٨٨٦، ٢٨٨٧".