الفصل الثاني: نظرته إلى التفسير بالرأي
يرى الشيخ رحمه الله تحريم التفسير بالرأي ١.
كما يحث في الوقت نفسه على التفكر والتدبر في القرآن تبعاً لأمر الله بذلك كما تقدم٢ ومعلوم أن التدبر والتفكر قدر زائد عن مجرد النقل عن السابقين. فما وجه ذلك وما حقيقة رأي الشيخ في التفسير بالرأي؟
وجهه – والله أعلم – أن النظر والتدبر والتأمل ليس حجراً محجوراً على طائفة من الناس، وإنما هو عام للناس كلهم فمن حق كل قارئ للقرآن أن يتدبره ويتأمل معانيه، بل إنه مأمور بذلك.
ومعلوم أن من تفسير كلام الله ما تعرفه العرب من لغتها، ومنه ما لا يعذر أحد بجهالته، كما ورد ذلك عن حبر الأمة رضي الله عنه٣. ولهذا نجد أن عامة المسلمين يفهمون كثيراً من معانيه، وقد كان الرجل يدخل في الإسلام فيسمع آيات الله تتلى عليه فيتأثر بها، ويأتمر بأمرها، وينزجر عما تزجر عنه، والواقع شاهد بهذا حتى في زمننا الحاضر الذي عمت فيه العجمة وبعد فيه الناس عن اللغة العربية الفصحى.
ومن كلام الله ما لا يعلمه إلا العلماء، إذ يحتاج إلى علم ودراية لفهمه وشرحه واستنباط الأحكام منه.
ولعل مما يقرر هذا الأخير من كلام الشيخ، قوله ضمن المسائل التي لخصها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "... وأما النظر في مسألة معينة لطلب حكمها والعبد لا يعرف ما يدله عليه فهذا النظر لا يفيد، بل قد يقع له تصديقات يحسبها حقاً، وهي من إلقاء الشيطان، وقد يقع له تصديقات من إلقاء الملك، وكذلك إذا كان النظر في دليل هادي وهو القرآن فقد يفهم مقصود الدليل فيهتدي، وقد لا يفهمه
٢ انظر الفصل السابق مباشرة.
٣ انظر ما تقدم ص "٥٢".