ولاشك أن أعظم القول على الله القول في تفسير كلامه.
ورأي الشيخ هذا في تحريم هذا النوع من التفسير بالرأي صرح به جمع من العلماء وهو مجمع عليه وممن صرح به الإمام الطبري "رحمه الله" حيث قال بعد أن ساق جملة من الأحاديث في تحريم التفسير بالرأي: "وهذه الأخبار شاهدة لنا على صحة ما قلنا من أن ما كان من تأويل آي القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنصبه الدلالة عليه، فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه، بل القائل في ذلك برأيه وإن أصاب الحق فيه فمخطئ فيما كان من فعله بقيله فيه برأيه، لان إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارص وظان ولقائل في دين الله بالظن قائل على الله ما لم يعلم، وقد حرم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده فقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾، فالقائل في تأويل كتاب الله الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله ﷺ الذي جعل الله إليه بيانه قائل بما لا يعلم، وإن وافق قيله ذلك في تأويله ما أراد الله به من معناه، لأن القائل فيه بغير علم قائل على الله ما لا علم له به١".
وقد صرح بهذا أيضاً النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما، قال النووي: "ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة، والإجماع منعقد عليه.
وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن، والإجماع منعقد عليه" ٢.
وإذا كان من التفسير ما يحتاج إلى علم ودراية لفهمه فإن العلماء قد اشترطوا شروطاً للمفسر تؤهله للتفسير، كأن يكون ذا معرفة بعلوم الشريعة، وإلمام بوسائلها كاللغة العربية، وعلومها، من نحو وبلاغة
٢ انظر التبيان في آداب حملة القرآن ص "٣٢" ومقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية ص "١٠٥".