المبحث الثاني: معرفته بالنحو والإعراب ومدى اهتمامه به في تفسيره
الحال في النحو والإعراب في تفسير الشيخ كالحال في اللغة، إذ يلتزم في كتاباته العلمية وتأليفه ومنها التفسير بقواعد النحو، ويتجنب اللحن كيف وقد حفظ: ألفية ابن مالك في النحو١.
وأما بيان جزئيات النحو والإعراب فلا يهتم بالنص عليها غالباً لأن ذلك ليس من أغراض تفسيره كما تقدمت الإشارة إلى نحوه، ومع هذا فلم يخل تفسيره واستنباطاته من بعض اللمحات النحوية إذا دعت الحاجة إليها لبيان معنى أو فائدة من جراء تركيب نحوي معين ومن ذلك:
قوله مستنبطاً من قصة آدم وإبليس:- ومنها- أي من الفوائد- المستنبطة- وهي من أعظمها- معرفه الطرق التى يأتينا منها عدو الله كما ذكر الله تعالى عنه في القصة أنه قال: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ ٢ وإنما تعرف عظمة هذه الفائدة بمعرفة شيء من معاني هذا الكلام.
قال جمهور المفسرين:- انتصب صراط بحذف على" التقدير: لأقعدن لهم على صراطك. قال ابن القيم: والظاهر أن الفعل "مضمن٣" فإن القاعد على الشيء ملازم له، فكأنه قال: لألزمنه ولأرصدنه ونحو ذلك٤.
فقد أورد هذا النقل المتعلق بالنحو لبيان حقيقة المعنى الذي به تتبين عظمة الفائدة كما أسلفت.
ومن ذلك أيضاً قوله عند تفسير قول الله تعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً﴾ الآية٥ حيث قال:
وقوله: ﴿عَجَباً﴾ أي بليغاً في لفظه ومعناه "أنه استمع"- بالفتح- لأنه نائب فاعل "أوحي" و "إنا سمعنا"- بالكسر- أنه محكى بعد
٢ سورة الأعراف: آية "١٦".
٣ في المطبوعة "مضمر" والصواب ما أثبته كما هو في روضة الأفكار "المخطوط" بجامعة الإمام برقم "ف "٢٠٧٤" ورقة "٧٧/أ".
٤ مؤلفات الشيخ/ القسم الرابع/ التفسير ص "٨٧".
٥ سورة الجن: آية "١".