حَتَّى احْتَوَى بَيْتُك الْمُهَيْمِنُ مِنْ خِنْدِفَ، عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ (١)
فإنه أراد: حتى احتويتَ - يا مُهيمن- من خندفَ علياءَ؛ فأقام البيتَ مُقامَه: لأن بيته إذا حَلَّ بهذا المكان، فقد حل هو به. وهو كما يقال: بيتُه أعزُّ بيتٍ. وإنما يراد: صاحبُه. قال النابغة:
وَحَلَّتْ بُيُوتِي فِي يَفَاعٍ مُمَنَّعٍ تَخَالُ بِهِ رَاعي الْحُمُولَةِ طَائِرَا (٢)
ولم يكن بيته في جبل بهذه الصفة؛ إنما أراد: أني ممتنعٌ على من أرادني، فكأني حللت في يفاع مُمنَّع.
* * *
٩- ومن صفاته: "الغَفُورُ".
وهو من قولك: "غَفَرتُ الشيء": إذا غَطَّيتهَ. كما يقال: "كَفَرْتُه": إذا غطَّيْته. ويقال: كذا أَغْفَرُ من كذا؛ أي: أستَرُ. و "غَفْرُ الخَزِّ والصوف" ما علا فوق الثوب منها: كالزِّئْبِر. سمي "غفرا": لأنه ستر الثوب. ويقال لجُنَّة
(١) في أمالي الزجاجي ٤٤، والفائق ٢/٢٨١.
وفي اللسان ١٧/٣٢٧ "وأما قول عباس بن عبد المطلب في شعره يمدح النبي.. فإن القتيبي قال: معناه: حتى احتويت يا مهيمن من خندف العلياء، يريد به النبي صلى الله عليه وسلم، فأقام البيت مقامه؛ لأن البيت إذا حل بهذا المكان فقد حل به صاحبه. قال الأزهري: وأراد ببيته: شرفه، والمهيمن من نعته، كأنه قال: حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك علياء الشرف من نسب ذوي خندف أي ذروة الشرف من نسبهم التي تحتها النطق، وهي أوساط الجبال العالية. جعل خندف نطقًا له. قال ابن بري في تفسير قوله: بيتك المهيمن -: أي بيتك الشاهد بشرفك. وقيل: أراد بالبيت: نفسه؛ لأن البيت إذا حل فقد حل به صاحبه".
(٢) ديوانه ٥٦ "يخال" وعجزه في اللسان ١٣/١٩٠، واليفاع المشرف من الأرض والجبل. والحمول: الإبل بأثقالها.


الصفحة التالية
Icon