لعل من نافلة القول أن أي عمل بناء هادف مسدد يبدأ ويبنى على خطة العمل التي تسبق القيام به، ومشروع ترجمة معاني القرآن الكريم عمل كبير، ومهمة في غاية الحساسية؛ لأنها تتصل بتبليغ كلام الله -عز وجل- المنزل على رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وتبيينه للناس.
لذلك كان لزاماً على المسلمين؛ ومن يعنى منهم بذلك على وجه الخصوص أن يولوا هذا الأمر غاية اهتمامهم، وأن يبذلوا في سبيل إنجاحه منتهى جهدهم.
ولقد تنادى علماء المسلمين منذ مدة بأن الطريق الذي يجب أن يسلك في مشروع الترجمة لإبلاغ كلام الله -عز وجل- إلى أولئك الذين لم يتمكنوا من الوصول إليه أو معرفته بنصه العربي ؛ يمكن أن يحصل بأحد أمرين :
الأول : بيان المعاني الأصلية التي اشتمل عليها القرآن مبينة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني أن يقوم المترجم بالنظر إلى هذه المعاني وبذل جهده في استيعابها ثم ترجمتها بقدر ما تسعفه قدراته اللغوية والتعبيرية.
الثاني : أن يفسر القرآن تفسيراً موجزاً موضحاً لمعاني الآيات، بحيث يتولاه مجموعة من العلماء القادرين، ثم يترجم هذا التفسير على أنه ترجمة تفسير كذا أو تفسير فلان وفلان، وذلك حتى يؤكد أنه بيان لما فهمه أولئك المفسرون فحسب.(٣٤)
أما الاتجاه الأول فهو ما يفعله أكثر المترجمين الذين قاموا بالترجمة، ولذلك نجد التفاوت بينهم في مقدار النجاح الذي حققوه والجهد الذي بذلوه والقدرات التي يحملها كل منهم.
وأما الثاني: فإن المصادر العلمية تورد ما قام به الأزهر من خطوات عملية في ذلك.
فقبل عقود كونت لجنة برئاسة مفتي مصر حينذاك، واجتمعت لوضع قواعد هذا التفسير وشروطه.
وبعد سنوات قام المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر بطبع تفسير موجز باللغة العربية وسمي (المنتخب في تفسير القرآن الكريم)، وجاء في مقدمته بيان لأسباب تصنيفه ملخصها :