ونحن نذكر هذا لنؤكد ضرورة حرص المترجم على محاولة ترجمة معنى ومفهوم اللفظة لا مرادفها وبخاصة إذا كان مفهوم ذلك المرادف لا يفي بما يقتضيه المقام من البيان.
وقد عقد أحد الباحثين المتخصصين دراسة تقويمية لعدد من الترجمات، وخلص إلى أن أفضل الترجمات في ذلك هي تلك التي نحت منحى التعبير عن المعنى الشامل للكلمة وليس المرادف لها.(٥٧)
وبناء على ذلك فإنه من يروم الإتقان والصحة في التعبير عن معاني الكتاب الكريم شرحاً أو ترجمة فإن عليه أن يتجه إلى التعبير بمعاني الألفاظ لا بمرادفاتها المفردة التي لا تفي بالغرض كما ينبغي، وبقدر ما يصيب في ذلك ترتفع درجته في صحة تبليغ مضمون الأصل الذي يترجمه ودقته، ومن ثم التأثير بدرجة أكبر في القارئ، وهو مقصود الترجمة.
٢ - أسلوب التعبير :
أما أسلوب التعبير فذلك مبني على قدرات الشخص ومهاراته، وهي درجة أعلى من مجرد الترجمة، وهذه القدرات ترتفع وترتقي بالتدريب والممارسة وربما البيئة أحياناً، لا سيما إذا وجدت موهبة وفطرة ترتكز إليها وتنطلق منها.
والناس يتأثرون في كل اللغات والثقافات ببليغ القول وسامق المعاني، وبخاصة عندما يجيء ذلك من غير تكلف ولا تنطع.
أما كيفية التعبير فإن لكل لغة بلاغتها، ولكل أناس مشربهم، يحسن بالقائم على ترجمة معاني القرآن أن يحيط بها ويحاول ما استطاع أن يصوغ بها عباراته، وإن وجد لديه قصور في شيء من ذلك، فعندها تتأكد أهمية المراجعة البلاغية للصياغة وحسن السبك من متخصص متذوق لها ولأساليبها.
وببلاغة الترجمة ترتفع درجة الوفاء لمضمون الأصل الذي بني على البلاغة في أعلى صورها، والمترجم هنا لا يروم مشابهة كلام الله عز وجل في بلاغته وأنى له ذلك، لكنه يسعى لحسن الأداء لمعاني هذا الكلام العظيم بما يستطيعه ويقدر عليه، حتى يؤثر في قارئه، ويحقق درجة أعلى في الدلالة والدعوة لما فيه من الخير والهدى.
ثانياً : مضمون الترجمة بحسب البيئة الموجهة إليها :