١٤- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : أتى رجل إلى رسول الله ﷺ فقال أقرئني يا رسول الله فانتهى إلى قوله تعالى :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ فقال يكفيني وانصرف الرجل فقال النبي ﷺ :
" إنصرف الرجل وهو فقيه ".
رواه أبو داؤد والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه
هذا الرجل صادق السريرة مخلص النية بفطرته السليمة. إستنتج بعد دقائق معدودة من بدء رسول الله ﷺ بتعليمه القرآن أنه قد تليت عليه آية عظيمة تستحق أن تكون قاعدة أصولية يتبع نهجها ويسير على هديها. هذه الآية تحدد ماللإنسان وما عليه فإن عمل خيرا ولو كان وزن ذرة يجزى به خيرا، لذا كان عليه أن يكثر من ذلك وإن عمل شرا ولو كان وزن ذرة يعاقب فليجتنب ذلك. أليس ذلك هو لب الفقه ؟ فاستحق أن يصفه رسول الله ﷺ بأنه أصبح فقيها.
وفي القرآن الكريم آيات بينات كثيرة كل منها تستحق أن يوقف عندها طويلا وأن تعتمد كقاعدة يتذكرها المؤمن ويجد لها تطبيقا في كل ساعة من ساعات عمره ومثل هذه الآيات يجدها المسلم الذي يحب القرآن بنفسه فيقف عندها طويلا. إسمع قوله تعالى :﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ " (١٥) وقوله تعالى :" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ (١٦).
وقوله تعالى :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاؤُا ﴾ (١٧) وقوله :﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ (١٨).