" تعلموا القرآن فاقرَئُوا وأقرِئُوا فإن مَثَلَ القرآنِ لمن تَعلَمَه فَقَرأه وقام به كمثلِ جِرَابٍ مَحشوٍ مِسكَاً يَفُوحُ بريحهِ كل مكان ومثل من تعلمه فَيَرْقُدً وهو في جَوفِه كمثل جِرَاب وُكِئَ على مسك ".
رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان والترمذي وصححه
هكذا يرفع الله تعالى الذين أوتوا العلم درجات فيفضلهم على غيرهم في الحياة الدنيا ولأجر الآخرة أكبر. وحفظ القرآن أحد الدلائل الرئيسة على علم الشخص ومن ثم تفضيله وتقليده المناصب.
ويستدل من الحديث عدم الاكتراث بخشية أن لا يقوم الرجل بالآية أو السورة أن لا يحفظها بل عليه أن يحفظ من كتاب الله ما استطاع. وقوله خشية أن لا يقوم بها يحتمل أن يقصد أن لا يقوم بأداء ما توجبه السورة من واجبات وأوامر والانتهاء عما فيها من نواهٍ، كما يحتمل أن يقصد بالقيام بها قيام الليل. يدل على المعنى الأول المفهوم العام من قول الصحابي ويدل على المعنى الثاني إجابة الرسول ﷺ إذ قارن بين من يرقد في الليل وأن مثله مثل الجراب الموكئ على مسك مما يفهم عنه أن عدم القيام بالسورة هو النوم أي عدم قيام الليل والمعنى الأول أقرب للاحتمال.
إن للقرآن بركة وهو في جوف المؤمن. فمن كان جوفه خاليا من القرآن كان كالبيت الخرب كما مر في حديث سابق. وسواء قام به أم لا فهو محشو مسكا أو موكأ على مسك أي أن له بركة وأثرا سواء كان الأثر ظاهرا ينتقل إلى الغير أم كان غير واضح للآخرين.
إن في هذا الحديث اقتران واضح بين قراءة القرآن وإقراءه أي تعليمه للغير فمن تعلم آية واحدة أصبح عالما به ومن ثم وجب عليه حقها من تعليم وعمل ولكن الحديث يشير إلى أنه حتى ولو قرأها فقط وتعلمها هو فعندئذ يكون كالجراب بريح طيبة تفوح منه في كل مكان.