رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل بعلمه في ماله، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فيقول رب لو أن لي مالا مثل مال فلان لكنت أعمل فيه بمثله فهما في الأجر سواء ( وهذا منه حب لأن يكون له مثل ما له فيعمل ما يعمل من غير حب زوال النعمة عنه )، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو ينفقه في معاصي الله عز وجل، ورجل لم يؤته علما ولم يؤته مالا فيقول لو أن لي مثل مال فلان لكنت أنفقته مثل ما أنفقه فيه من المعاصي فهما في الوزر سواء (٩). وهكذا ذمه رسول الله ﷺ من جهة تمنيه للمعصية لا من جهة أن يتمنى أن يكون له من النعمة مثل ما له. فإذن لا حرج على من يغبط غيره في نعمة ويشتهي لنفسه مثلها طالما لم يحب زوالها عنه ولم يكره دوامها له. نعم إن كانت تلك النعمة دينية واجبة كالإيمان والصلاة والزكاة فهذه المنافسة واجبة وهو أن يحب أن يكون مثله لأنه إذا لم يكن يحب ذلك فيكون راضيا بالمعصية وذلك حرام. وإذا كانت النعمة من الفضائل كإنفاق الأموال في المكارم والصدقات فالمنافسة فيها مندوب إليها وإذا كانت نعمة يتنعم بها على وجه مباح فالمنافسة فيها مباحة (١٠).
٢٩- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ قال :
" من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه. ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عَظَّم ما صَغَّر الله وصغر ما عظم الله. وليس ينبغي لحامل القرآن أن يَسْفِهَ فيمن يَسْفِهَ أو يغضب فيمن يغضب أو يَحْتَدَّ فيمن يَحْتَدَّ ولكن يعفو ويصفح لفضل القرآن ".
رواه الطبري


الصفحة التالية
Icon