كما أن هناك أحاديث أخرى تحدد أفضل الأعمال بالجهاد في سبيل الله أو بالحج المبرور وغيرها. ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث جميعا بأن هناك أعمالا مؤقتة هي أفضل من غيرها في أوقات محددة. فإذا حضر الجهاد فهو أفضل عمل حتى من تلاوة القرآن أو الصلاة، وإذا وجب الحج فهو أفضل الأعمال ولا يمنع أدائه من تلاوة القرآن لذلك فإن هذا الحديث حين يشير إلى فضل الاستغراق بتلاوة القرآن لا ينفي فضل أعمال أخرى كما أن إجابات رسول الله ﷺ لمن يسأل من أصحابه كانت أحيانا بحسب حال السائل. فرب سائل قد حج مرات ومرات يكون استغراقه بتلاوة القرآن أفضل، ورب سائل عند حضور ساعة الجهاد وهو متردد في المشاركة فيه فيكون الجهاد له أفضل الأعمال. ويفهم من الحديث أن للتلاوة فضلا على غيرها من الأعمال بسبب التصاق الإنسان بكتاب الله تعالى الذي هو مفتاح كل خير. وفيه ذكر كل الأعمال الصالحة. كما أن الاستمرار بالتلاوة يجعل المرء بصيرا بنفسه ومراقبا لها لأنه دائم المرور على آيات الوعد والوعيد ومن كان كذلك فأحرى به أن يتذكر ربه ويحسن عمله بين تلاوة وأخرى.
٢- عن عبد الله بن مسعود (٣) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :
" من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة. والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف".
رواه الترمذي (٤)
مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها ثابتة في كتاب الله تعالى بقوله ﴿ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾(٥).


الصفحة التالية
Icon