حُكي عن الإمام أحمد رضي الله عنه (١٤) أنه رأى ربه في المنام عدة مرات فقال والله إن رأيته مرة أخرى لأسألنه أي شيء يقرب العبد إلى ربه فرأى ربه جل شأنه فقال : يا رب بأي شيء يتقرب العبد إليك ؟ فقال : بتلاوة كلامي يا أحمد. قال فهم المعنى أو لم يفهم يا رب ؟ قال فهم المعنى أو لم يفهم.
إن إشارة الحديث إلى القرآن الكريم بأنه خرج من الله تعالى توحي بأن على قارئ القرآن أن يستشعر عظمة كلام الله تعالى وكأنه يسمعه منه عز وجل معترفا بعلوه وعظمته وفضله على خلقه.
وقال بعض العلماء : هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل بعهوده نتدبرها في الصلوات ونقف عليها في الخلوات وننفذها في الطاعات والسنن المتبعات. هذه الآيات هي نور منزل من الله تعالى. كما قال عز وجل :﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا﴾(١٥).
وقال وهيب بن الورد رضي الله عنه (١٦) : نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد أرق للقلوب ولا أشد استجلابا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره، ويبين تسلسل الحديث أن أفضل تلاوة القرآن في الصلاة ثم في غيرها. فالركعتان من الصلاة اللتان يحبهما الله لا بد وأن يتلى فيهما كتابه.
تلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قوله تعالى ﴿ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾ (١٧) فسأل نفسه وهو العربي الأصيل، قد علمنا الفاكهة فما الأب (١٨) ؟ ثم عاد لنفسه قائلا : وما يَضُرُّ ابن الخطاب أن لا يعلم ما الأب ؟ تالله إن هذا لمن التكلف (١٩) الذي نهينا عنه. وهكذا آمن السلف الصالح بالقرآن سواء عرفوا أم لا ما داموا قد أيقنوا أنه كلام الله تعالى وما داموا لم يهملوا تطبيق أحكامه وأوامره.
٤- عن أبي موسى (٢٠) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:


الصفحة التالية
Icon